بقلم الأخت ميشلين منصور
راهبة القديسة تريز الطفل يسوع

بيروت في 10\4\2024

” من يُحدّثُ بأمجاد الرب ويسمع تسبحته” مزمور 105\2
إن قيامة الرب يسوع هي الحدث الخلاصي الأعظم ، منها واليها أحداثُ خلاصنا كافة. المسيح القائم الممجد، المسيح الروح، المسيح الرب، هو باكورة الراقدين.
بالحقيقة، قيامة يسوع مصدر فرح وغبطة وسلام للخليقة قاطبة، لأن المسيح، بانتصاره على الموت والشرّير، صالح العالم مع أبيه. ولذا كانت كلمته الأولى لتلاميده بعد قيامته: ” السلام لكم” وهي تؤكّد أن القيامة هي دون منازع بشرى السلام الحقيقي، والنصر المؤكّد بعد الآلام. “إفرحي أورشليم وافرحوا يا من تحبون يسوع” القديس كيريلّس الأورشليمي من العظة 14.
قيامة يسوع عربون قيامتنا الأخيرة، لأن المسيح هو البكر من بين الأموات وهو علّة قيامتنا وتمجيدنا. ونحن بالمعموديّة، قبلنا الحياة، بداية للحياة الأبديّة مع الآب السماوي، وعربونًا لها.
قيامة يسوع مصدر نور وإشعاع، لأن نور القيامة بدّد ظلام الليل القديم وأنار الكون كلّه، وجعَلَت صورة الخالق تتألّق من جديد.
قيامة يسوع انتصار على الموت وعتقٌ من العبودية، لأن المسيح بنزوله الى مثوى الأموات، حطّم سلطان الموت، وخلّص منه آدم أي البشريّة برمّتها وحرّرها من أسر الجحيم.
إن قيامة المسيح هي العبور من الموت الى الحياة، من الصليب والقبر الى الصعود والمجد. بالمسيح وعلى مثال المسيح، كلّ مؤمن يعبُر سرّيًا بماء العماد الى خليقة جديدة تتألـّق فيها، كما في الخلق الأول، صورة ُالله.
إنه البرّ الذي سيق الى الصليب فأبطل بآلامه ألامنا، وبعثنا من الموت بدفنه، وأقامنا بقيامته، هو الذي أحيا طبعنا المائت، وأعتق طبعنا البالي ومجّده. إنه الرّجاء الصالح، الآتي الينا من الآب، وقد كنّا بغير رجاء، آتانا رجاءّ مُعينًا، عطايا مُفرحة، وبركاتٍ مجيدة.
نتامّل سرّ تدبير الله الكلمة، فتستنير ضمائرنا بفهم هذا السرّ العظيم، هو الذي أخلى ذاته وأخذ صورة العبد، على حسب قول أشعيا النبيّ، ولم ينَل جوهره الإلهيّ تغيير، بقيامته فاضت قلوب المؤمنين به بالشجاعة، هو الغنى والحياة، الحكمة والقوّة.
هو حمل الله الذي ذُبح عن البشر، الذي أغنانا بمولده، طهّرنا بعماده، قدّسنا بموته، أصلح بين الخليقة الهالكة وبين الآب بقيامته، أبهجنا بانبعاثه، ورفعنا بصعوده وزيّننا بمواهب روحه الحيّ القدّوس.
نصلي ونضرع الى المسيح المنتصر قائلين:
أيها المسيح الله الكلمة، نشكرك يا صانع الكلّ، ونمجّد قيامتك المجيدة، نطلب منك أن تهب عيوننا الداخليّة أن تراك، أيها المسيح الروح، كي تفرح بك كما فرح تلاميذك في ظهورك لهم.
بكلمةٍ منك أيها المسيحُ المُمجّد، الجحيم ترتعد، الكفر ينهزم، الغضب يخمّد، والشموخ يتّضِع. إمنح بتحنّنِك المسيحيين المؤمنين بقيامتك، وحدة الرأي بالروح القدس، إفتقد برحمتك الصغار والكبار، خلّص شعبك من الضربات القاسية، والأحزان الشديدة، نجّنا من الحروب المدمّرة، لا تجعلنا نترُكُك بل فرّحنا دائمًا بنور وجهك، وأبهجنا بقيامتك كي يعلَمَ العالم بشهادتنا أنك وحدك الإله الحيّ ألقائم من الموت. آمين.

11 أبريل 2024

راديو مريم - البث المباشر


This will close in 20 seconds