بقلم الأب طاهر يوسف
كاهن رعية آجيا صوفيا صيدنايا
كلمة بدأت منذ 17 قرن إلى يومنا هذا يتناقلها الآباء للأبناء. ظل الصليب مطمورا تحت تل في أورشليم و ذكر المؤرخون أن الإمبراطور هوريان الرومانى ( 117 – 138 م) أقام على هذا التل في عام 135 م هيكلا للزهرة الحامية لمدينة روما… وفي عام326 م تم الكشف على الصليب المقدس بمعرفة الملكة هيلانة أم الإمبراطور قسطنطين الكبير الذي أرسل معها حوالي 3 آلاف جندي، وتفرّقوا في كل الأنحاء واتفقوا أن من يجد الصليب أولا يشعل نارا كبيرة في أعلى التلة وهكذا ولدت عادة إضاءة (الشعلة أو الأبيلة)، عثرت على 3 صلبان واللوح المكتوب عليه يسوع الناصري ملك اليهود واستطاعت أن تميز صليب المسيح بعد أن وضعت عليه مرضى فقام الصليب بمعجزة الشفاء. فأخذت الصليب المقدس ولفته في حرير غالي الثمن ووضعته في خزانة من الفضة في أورشليم بترتيل وتسابيح كثيرة… وأقامت كنيسة القيامة على مغارة الصليب وأودعته فيها، ولا تزال مغارة الصليب إلى الآن 1 .
في ليلة الصليب تستقبل معلولا عددا كبيرا جدا من الزوار من سوريا وخارجها فتمتلئ الشوارع والساحات والأديرة بالزوار ويستمر العيد على ثلاثة أيام متتالية يتعلم فيه اليافعين أصول التعييد من الأكبر منهم وهذا في حد ذاته قيمة كبيرة في اجتماع العائلة المعلولية وتناقل التراث من ثياب وأكلات وطريقة الدبكة والأهازيج الخاصة بالصليب خصوصا باللغة الآرامية التي باتت اليوم مهددة بالانقراض والزوال. تنتظر كل سنة معلولا هذا الحدث لأنه يعبر حقا عن انتصار على الظلمة والموت التي اجتاحت هذه القرية وانتهت عام 2004 ، إن حدث الصليب في حياة المسيحيين هو مفصلي فلا صليب من دون القيامة ولا قيامة من دون الصليب لذلك أدرك المعلوليين أن الأزمة التي مرَّت عليهم لا تفهم إلا من خلال هذين الحدثين فالألم يصبح أداة للقداسة عندما ننظر للصليب والقيامة هي روعة ومكافأة نصل إلى مينائها من خلال الصليب فمع المسيحِ صلِبت، فما أنا أحيا بعد، بلْ المسيح يحيا فِيّ. وإذا كنت أحيا الآن في الجسدِ ، فحياتي هِي في الإيمانِ بابنِ اللهِ الذي أحبّني وضحّى بِنفسِهِ مِنْ أجلي غلا 2 – 20 .
من خلال خدمتي في معلولا تعلمت الكثير من البشر والصخر والطبيعة ولاحظت قدر تمسك أبناء معلولا بلغتهم الآرامية وتشجيع أولادهم على تعلمها بالرغم من كل الموارد البسيطة قد أنشأنا مدرسة صيفية لتعلّم الآرامية في الكنيسة والتي نرتل فيها كل سنة تقاريض الأسبوع العظيم ونشيد القيامة باللغة الآرامية.
إن عيد الصليب هو فخر لكل مسحي في العالم وعلامة جمع لكل من يريد أن يتحد تحت راية حب الله لنا فحاشا لِي أنْ أفْتخِر إِلاَّ بِصلِيبِ ربِّنا يسوع الْمسِيحِ، الَّذِي بِهِ قدْ صلِب الْعالم لِي وأنا لِلْعالمِ غلا 6 – 14 .
لقد أخذ عيد الصليب معنى آخر بعد الحرب فقد أصبح علامة انتصار وتاريخ سنوي يجمع الكل ليتذكروا أبنائهم مِن من قدّموا قربانا لنعيش في سلام وطمأنينة. لقد زرِع الصليب في منتصف ساحة القرية ليس كعلامة لأدوات القتل كما كان في السابق ولكن كعلامة نداء ليسوع في السعي لحمل الصليب كل يوم في حياتنا نحن المسيحيين… متى 10 – 38 وعلامة لقوة القيامة التي فيها لا نخاف الموت لأن المسيح ليْس ههنا، لكِنَّه قام! قائلا للنسوة اذْ كرْن كيْف كلَّ مكنَّ وهو بعْد فِي الْجلِيلِ قائِلا: إِنَّه ينْبغِي أنْ يسلَّم ابْن الْإِنْسانِ فِي أيْدِي أناس خطاة، ويصْلب، وفِي الْيوْمِ الثَّالِثِ يقوم، من أجل ذلك يصرخ أهل معلولا على قمم جبالها وهم يشعلون النار وينشدون باللغة الآرامية… لقد وجدنا عود الصليب.