كان كسرى ملك الفرس قد دخل اورشليم ظافراً وأسرَ الوف المسيحيين وفي مقدمتهم البطريرك زكريا، ونقلهم الى بلاده، واخذ ذخيرة عود الصليب الكريم غنيمةً، وبقيت في حوزته اربع عشرة سنة.

ولما انتصر هرقل الملك على الفرس، كانت اهم شروطه اطلاق المسيحيين الاسرى وإرجاع ذخيرة عود الصليب. وكان كسرى قد مات وملك مكانه ابنه سيراوس فقبل هذا بالشروط واطلق الاسرى سالمين مع البطريرك زكريا بعد ان قضوا في الاسر 14سنة، وسلّم ذخيرة عود الصليب الى هرقل الملك وكان ذلك سنة 628. فأتى بها هرقل الى القسطنطينية التي خرجت بكل ما فيها الى استقباله بالمصابيح وتراتيل النصر والابتهاج.

وبعد مرور سنة جاء بها الامبراطور هرقل الى اورشليم ليركز عود الصليب في موضعه على جبل الجلجلة. فقام لملاقاته الشعب وعلى رأسهم البطريرك زكريا. فاستقبلوه بأبهى مظاهر الفرح والبهجة بالمشاعل والترانيم البيعية، وساروا حتى طريق الجلجلة. وهناك توقف الملك بغتة بقوة خفية وما امكنه ان يخطو خطوة واحدة. فتقدم البطريرك وقال للملك:” ان السيد المسيح مشى هذه الطريق حاملاً صليبه، مكللاً بالشوك، لابساً ثوب السخرية والهوان، وانت لابس اثوابك الارجوانية وعلى رأسك التاج المرصع بالجواهر، فعليك ان تشابه المسيح بتواضعه وفقره”. فأصغى الملك الى كلام البطريرك، وارتدى ثوباً حقيراً ومشى مكشوف الرأس، حافي القدمين، فوصل الى الجلجلة، حيث ركّز الصليب في الموضع الذي كان فيه قبلاً.

ثم نقيم تذكار ظهور الصليب للملك قسطنطين الكبير في الحرب ضد عدوه مكسنسيوس. وذلك انه لما قرُب من رومة استعان بالمسيحيين واستغاث بالههم يسوع المسيح واله والدته هيلانه لينصره على اعدائه. وبينما هو في المعركة ظهر له الصليب في الجو الصافي، محاطاً بهذه الكتابة بأحرف بارزة من النور:” بهذه العلامة تظفر” فاتكل على اله الصليب، فانتصر على مكسنسيوس، وآمن بالمسيح هو وجنوده. وجعل راية الصليب تخفق في راياته وبنوده. وبعث الكنيسة من ظلمة الدياميس، وأمر بهدم معابد الاصنام وشيد مكانها الكنائس، ومنذ ذلك الحين، اي منذ عام 330، عمَّ الاحتفالُ بعيد الصليب الشرقَ والغربَ. وقد امتاز لبنان بهذا الاحتفال منذ القديم، فانه، ليلة هذا العيد، يظهر شعلة من الانوار في جروده وسواحله. فالشكر للرب يسوع الذي قال:” وانا اذا ارتفعت عن الارض، جذبت الي الجميع”. آمين.

14 سبتمبر 2024

راديو مريم - البث المباشر


This will close in 20 seconds