ولد هذا القديس العظيم في اواخر القرن الثالث للمسيح، في مدينة قيصرية الجديدة، من اعمال البنطوس. فأرسله ابوه الوثني ليدرس الفقه في مدرسة بيروت التشريعية الشهيرة. وبعد ان انهى دروسه، جاء الى قيصرية فلسطين، حيث تتلمذ للفيلسوف الشهير اوريجانوس. وبعد ان درس عليه الفلسفة الانجيلية وشاهد ما فيه من تقوى راهنة، نبذ الوثنيَّة وآمن وزهد في العالم، ودخل في عداد الموعوظين.
واستمَّر مواصلاً حياته هذه، منكباً على مطالعة الكتاب المقدس، الى ان انتدبه فيديموس اسقف اماسيا ليكون اسقفاً على مدينة قيصرية، وطنه. فهرب متوغلاً في البرية، خوفاً من حمل المسؤولية التي لم يعتقد انه اهلٌ لها، لتواضعه العميق. وبينما كان يصلِّي، سمع صوتاً يقول له: إِعمل بارادة رئيسك، واسقفك فيديموس، فانها ارادة الله. فقام حالاً وأتى اماسيا. فرسمه فيديموس اسقفاً على مدينته قيصرية. وكان المؤمنون فيها يُعدُّون بالاصابع. فأخذ بالصلاة الى الله ليقوِّيه على شرح الحقائق الايمانية ولا سيما سر الثالوث الاقدس.
وقد اشتهر غريغوريوس بعجائبه الباهرة، حتى لُقِّب “بالعجائبي”. وكان ممتازاً بتواضعه ومحبته للقريب وعطفه على الفقراء.
وقد اقام هذا القديس عيداً خاصاً سنوياً للشهداء الذين سفكوا دمائهم لاجل ايمانهم.
دخل مدينة قيصرية وفيها سبعة عشر مسيحياً وخرج منها وفيها سبعة عشر وثنياً، مستودعاً روحه الطاهرة بين يدي الله سنة 270. وكان اوصى ان لا يدفن جسده في قبر خاص، بل في قبور الغرباء، لانه، في حياته لم يكن يملك شيئاً، فلا يريد، بعد وفاته، ان يخصص جسده بشبر من الارض. صلاته معنا. آمين.