الحزن أمام الموت، رجاء القيامة
بقلم سيادة المطران كريكور اوغسطينوس كوسا اسقف الاسكندرية للأرمن الكاثوليك
نتأمل خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني، ونحن نحتفل بذكرى موتانا المؤمنين الراقدين على رجاء القيامة بشخصية أيوب، الذي “حتى في أثناء الظلام، على باب الموت وأمام لحظة القلق والألم والوجع، نادى بالرجاء. وقال: “أنا أعلم، يقول أيوب: “فاديّ حيّ وسيقومُ الأخير على التُراب. وبعد أن يكون جِلْدي قد تمزّق أعاينُ الله في جسدي. أُعاينُه أنا بنفسي، وعينايَ تَرَيانِه لا غيري…” (أيوب ١٩: ٢٥ – ٢٧).
إن تذكار الموتى هو لحظة حُزنَ ممزوجة بالرجاء ، وله بُعدان :
البعد الأول: شعور الحزن من جهة على أباءنا وأمهاتنا، اخوتنا واخواتنا، أقاربنا وأصدقاءنا وأحباءنا الذين غادرونا وأعطونا الكثير من محبتهم.
والبعد الثاني: يذكّرنا الموت بالمستقبل، والقيامة والحياة الأبديّة.
في هذا الشهر المكرَّس للصلاة من أجل موتانا ، نحمل الورود لنضعها على قبور من سبقنا للحياة الأبديّة كعلامة للرجاء وكنبوّة للعيد، عيد اللقاء في السماء، حيث يمتزج الحزن بالرجاء. إنه الرجاء الذي يمنحنا إياه المسيح الذي بقيامته، فتح لنا الباب من أجل الدخول إلى حيث نعاين الله وجهاً لوجه.
نحن أيضاً سنتبع هذا الطريق عاجلاً أم آجلاً، بتحمل الألم والعذاب – لا سمح الله – حاملين زهرة الرجاء مع هذا الخيط المتين المتجذّر في الحياة الثانية، الحياة الأبديّة، ” رجاء القيامة”. أحبائي: لنعود إلى بيوتنا بعد كل قداس نرفعه تقدمة لراحة وخلاص أمواتنا، حاملين هذه الذكرى المزدوجة في عقولنا: ذكرى الماضي لأحبّاءِنا الذين غادرونا وسبقونا للحياة الأبديّة . وذكرى المستقبل، لمسيرة الحج التي سنقوم بها نحو الملكوت السماويّ، ونحن نحافظ على الثقة والأمانة ووعد المسيح : “أنا القيامة والحياة ، من آمن بي ، وإن مات ، فسيحيا ، وكُلُّ من يحيا ويؤمن بي لن يموت أبداً ” ( يوحنا ١١ : ٢٥).
لنرفع صلاتنا بإيمان على نيّة الأنفس المطهرية، وعلى نية الموتى المؤمنين الذين مع الأسف لا يتذكّرهم أحد. أعطهم يا رب الراحة الدائمة، ونورك الأبدي فليضئ لهم . فلتسترح نفوس الموتى المؤمنين برحمة الله والسلام، آمـيـن.