نقلاً عن موقع فاتيكان نيوز
استهل قداسة البابا فرنسيس كلمته قبل صلاة التبشير الملائكي قائلا إن إنجيل اليوم يقدّم لنا مثلاً يتعلق بمعنى حياة كل واحد، وهو مثل العذارى العشر المدعوات للخروج للقاء العريس (راجع متى ٢٥، ١ – ١٣). وأشار إلى أن الحياة هي استعداد كبير لليوم حينما سنُدعى للخروج للقاء يسوع! ولكن المثل يشير إلى أن من بين العذارى العشر هناك خمس عاقلات وخمس جاهلات. وأضاف البابا فرنسيس أن أولئك جميعا حاضرات لاستقبال العريس أي للقائه، مثلما نرغب نحن أيضا بتحقيق سعيد للحياة، ولفت في الوقت نفسه إلى أن الفرق بين الحكمة والجهل ليس في حسن النية، ولا في دقة الالتزام بالموعد إذ كُن جميعهن هناك. إن الفرق بين العاقلات والجاهلات يكمن في الاستعداد، ويقول الإنجيل إن العاقلات “أَخَذنَ معَ مَصابيحِهِنَّ زَيتاً” (متى ٢٥، ٤)، أما الجاهلات فلم يفعلن ذلك. ولكن ما هي إحدى ميزات الزيت؟ لا يمكن رؤيته، إنه في داخل المصابيح، ولكن بدونه لا تُضاء.
وتابع البابا فرنسيس كلمته قائلا لننظر إلى أنفسنا فسنرى أن حياتنا تواجه الخطر نفسه، ففي كثير من الأحيان هناك اهتمام كبير بالمظاهر، الاعتناء جيدا بصورتنا وترك انطباع جيد أمام الآخرين. لكن يسوع يقول إن حكمة الحياة تكمن في الاعتناء بما لا يمكن رؤيته ولكنه الأهم، الاعتناء بالقلب. إنه الاعتناء بالحياة الداخلية، ويعني ذلك التوقف للإصغاء إلى قلبنا والسهر على أفكارنا ومشاعرنا. إن الحكمة تعني معرفة إفساح المجال للصمت كي نكون قادرين على الإصغاء، ومعرفة التخلي عن بعض الوقت الذي نقضيه أمام شاشة الهاتف وذلك للنظر إلى النور في عيون الآخرين، في القلب، في نظرة الله إلينا. ويعني عدم الوقوع في فخ كثرة النشاطات، إنما تخصيص الوقت للرب وللإصغاء إلى كلمته.
وأشار البابا فرنسيس إلى أن الإنجيل يقدّم لنا النصيحة السليمة من أجل عدم إهمال زيت الحياة الداخلية، “زيت النفس”، ويخبرنا بأهمية تهيئته. فالعذارى معهن المصابيح ولكن عليهن تهيئة الزيت: عليهن الذهاب لشرائه ووضعه في المصابيح… (راجع متى ٢٥، ٧.٩). وهكذا بالنسبة لنا: فالحياة الداخلية لا تُرتجل، وهي ليست مسألة لحظة إنما ينبغي اعدادها من خلال تخصيص القليل من الوقت كل يوم، بمثابرة، كما يتم العمل من أجل كل أمر مهم.
وتابع الأب الأقدس قائلا لنسأل أنفسنا، ما الذي أُعدّه في هذه اللحظة من الحياة؟ ربما أسعى إلى وضع بعض المدخرات جانبا، وأفكّر في شراء بيت أو سيارة جديدة، وفي مشاريع ملموسة… إنها أمور جيد. ولكن أأفكّر أيضا في تخصيص الوقت للاعتناء بالقلب، للصلاة وخدمة الآخرين، وللرب الذي هو هدف الحياة؟ وباختصار، كيف حال زيت نفسي، أأغذيه وأحافظ عليه جيدا؟ وفي ختام كلمته قبل صلاة التبشير الملائكي ظهر اليوم الأحد، قال البابا فرنسيس: لتساعدنا مريم العذراء على الاعتناء بزيت الحياة الداخلية.
بعد تلاوة صلاة التبشير الملائكي، وجه قداسة البابا فرنسيس كلمة أشار في مستهلها إلى الحرب الأهلية في السودان منذ أشهر عديدة والتي تؤدي إلى سقوط الكثير من الضحايا، وملايين النازحين الداخليين واللاجئين في البلدان المجاورة ووضع إنساني خطير جدا. وعبّر الأب الأقدس عن قربه من آلام سكان السودان ووجه نداء إلى المسؤولين المحليين كي يعززوا وصول المساعدات الإنسانية، وكيما، بمساهمة الجماعة الدولية، يعملوا من أجل البحث عن حلول سلمية.
وأضاف البابا فرنسيس أن الفكر يتوجّه كل يوم إلى الوضع الخطير جدا في إسرائيل وفلسطين، وعبّر عن قربه من جميع الذين يعانون، فلسطينيين وإسرائيليين، وقال إنه يعانقهم في هذه اللحظة المظلمة ويصلّي كثيرا من أجلهم. وأضاف يقول لتتوقف الأسلحة فهي لا تقود أبدا إلى السلام، ودعا كي لا يتسع النزاع! كفى! وتابع البابا فرنسيس وفي غزة، لتتم مساعدة الجرحى فورا، وحماية المدنيين، ووصول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى السكان المنهكين. وليتم الافراج عن الرهائن ومن بينهم العديد من المسنين والأطفال. وأشار إلى أن كل إنسان، أكان مسيحيا، يهوديا أم مسلما، من أي شعب وديانة، كل إنسان هو مقدس وثمين في عيني الله وله الحق في العيش بسلام. لا نفقدنّ الرجاء، أضاف البابا فرنسيس يقول، ولنصلّ ونعمل بلا كلل كي يتغلب حس الإنسانية على قساوة القلوب.
وأشار الأب الأقدس في كلمته بعد صلاة التبشير الملائكي إلى مرور عامين على إطلاق منصة عمل Laudato Si شاكرا جميع المنضمين إلى هذه المبادرة ومشجعا على مواصلة مسيرة الارتداد الايكولوجي. وفي هذا الصدد، قال البابا فرنسيس لنصلّ من أجل مؤتمر دبي حول التغيرات المناخية، COP28. كما وأشار البابا فرنسيس إلى احتفال الكنيسة الإيطالية هذا الأحد بيوم الشكر، وحيّا من ثم جميع الحجاج القادمين من إيطاليا وأنحاء عديدة من العالم، ودعا أيضا إلى عدم نسيان أوكرانيا المعذَّبة.