بقلم أميرة حنا – لبنان
استوقفني مشهدٌ من فيلم “الله ليس ميتًا” (God’s not dead) لامرأةٍ مُسنَّة تُعاني من مرض الخرف. في المشهد، تدور محادثةٌ بينها وبين رجلٍ عاش حياته مُتمتِّعًا بكل ملذاتها، يسألها: “لقد صلّيتِ وآمنتِ طوال حياتكِ ولم تفعلي أي شيءٍ خطأ أبدًا، وأنتِ ألطف شخصٍ عرفته. أما أنا، فأكثر قساوة. أنتِ أُصبتِ بالخرف بينما حياتي مثالية ولم يُصبني أي شيء. فاشرحي لي ذلك؟”
فأجابته: “يسمح الشرير في بعض الأحيان للإنسان بأن يحيا حياةً خاليةً من المشاكل، لأنّه لا يريده أن يلجأ إلى الله. خطيئته مثل زنزانة السجن، كلّ ما فيها جميلٌ ولطيفٌ ومريح، لدرجة أنّه لا يبدو أنّ هناك أيّ داعٍ لمغادرتها. تبقى أبوابها مفتوحةً إلى أن تأتي اللحظة الحاسمة فتُغلق بقوّة. وعندها، يكون قد فات الأوان”.
ها نحن ما زلنا الآن في خضم مخاض الآلام. وهذا دليلٌ قويٌ على أنّ الوقت لم ينتهِ بعد، وأن فرصة التحرُّر ما زالت سانحة. لقد عانى لبنان وما زال يعاني من طمع الساسة والسياسيين، ونحن أبناؤه من يدفع الثمن دائمًا. ولكن إذا تغيّرت نظرتنا تجاه الألم والصعوبات، كما هو الحال مع المرأة المسنّة، فإنّ الله قادرٌ على تحويل المعاناة والظلم والظلمة إلى فرصة ولادةٍ جديدة لحياةٍ أفضل. فانفتاحنا على نعمة الله يمكّننا من أن نرى أنّ معاناتنا تفتح لنا أبواب الرجاء وتمنحنا السلام الداخلي وسط الصعوبات والفرح الأبدي الذي لا يقدر أحد أن ينتزعه منّا. فالألم يساهم في النمو الروحيّ والنضج الفكريّ للإنسان، إذ يرتبط بمفهوم الصليب، وهذا ما جاء من أجله يسوع، إذ قادته آلامه المجبولة بالمحبة حتى بذل الذات إلى القيامة وتحقيق مشروعه الخلاصيّ. إذن، مشروع الألم هو مشروع حياة وقيامة، ونحن من نملك الحرية الكاملة لاختياره. شرارة الحياة في قلوبنا تُشعل روح المقاومة والصمود والمواجهة وعدم الاستسلام للواقع. فتاريخ لبنان وحده شاهدٌ على أنّ لبنان ينهض على الدوام كطائر الفينيق من تحت الرماد.
في الختام، غالبًا ما تنضج تجربتي الروحية المتواضعة في مثل هذه الأيام، فهي نِعَمٌ نعيشها بقولنا نَعَم لمشروع الرَّبّ.